شعر جيزاني يُعد من أقدم أنواع الشعر في شبه الجزيرة العربية، وقد اعتمدت عليه القبائل العربية قديمًا في حفلات الزواج والسمر، وأُطلق عليه هذا الاسم نسبةً إلى منطقة جازان الواقعة في المملكة العربية السعودية، التي تُعتبر من أقدم وأبرز المدن فيها، حيثُ يتميز هذا الشعر باللهجة المحلّية الخاصة بجازان، والتي تختلف بشكل كبير عن لهجات المدن الأخرى، إذ تحتوي على كلمات صعبة وغريبة يجد البعض صعوبة في فهمها، ومع ذلك، فإن الشعر الجيزاني يتميز بجماله وعمقه، ويحمل العديد من المعاني المميزة.
شعر جيزاني
إن الشعر من الوسائل التي اعتمدت عليها القبائل قديمًا في وصف ما بداخلهم، كما أن الطبيعة الجبلية الصحراوية التي تشتهر بها منطقة شبه الجزيرة العربية ساهمت في إعداد شعراء مُتميزين.
كما ساهمت الطبيعة الخلابة في كتابة الكثير من القصائد الشعرية في العديد من المجالات المختلفة، مثل: قصائد الغزل والحب، أو قصائد الحزن والفقد، أو القصائد التي يتم كتابتها في أوقات الحروب والغزوات، الجدير بالذكر أن هذه القصائد ساهمت في زيادة حماسة جيوش القبائل قبل خوض الحروب، وسنذكر من خلال السطور القادمة مجموعة من أبيات الشعر الجيزاني:
- أبيات من قصيدة “خمر جيزاني” للشاعر وليد السفياني:
حب السمر غير علقني وأشقاني .. في شقاه لذه كما السكر الحالي
ذبت في حب السمر سود الأعياني .. ذبت في حبهم وزان لي حالي
لونهم يسحر العين خمري وحاني .. يرجع الشايب شباب ويصيبه هبالي
لامرت السمراء وانا ضايق ووحداني .. ابتسم بدون شعور واحس ربعي حوالي
لأنها تذهب العقل اشد من خمر الألماني .. خمرها نوعه جديد وكلفته غالي
خمرها اسمه غريب خمر جيزاني .. يذهب العقل بس يخليك سالي
هبلتبي وخلتني لها ولاغابت اعاني .. جننتني بنت الاصول وغيرت حالي
سمراء وجنوبيه وش عاد تبي ثاني .. هذا هو المطلوب ياسيدي الغالي
كلمة وقولوا قالها الشاعر السفياني .. الحب مر بس حب السمر حالي
- أبيات من قصيدة “جازان” للشاعرة ناهد الأغا:
يا ريحة الفل يا أحلى مواجعنا
يا فتنة قد أثارت عطر أشعاري
الشعر للفل في جازان توأمة
كلاهما في دياري نعمة الباري
وعاشق الفل يهديكم قصائده
بريحة الفل فأطرب أيها القاري
عشتِ «جازان» يا شموس شبابي
عشتِ حلما بداخل الأهداب
أنت نجواي أنت ليلي وفجري
أنت حرفي المضيء أنت كتابي
من حنانيك قد رضعتُ قصيدي
وشربتُ الهوى فطاب شرابي
سيهون العمر الطويل فداء
لك يا صوت أدمعي المنساب.
تعرف أيضًا على: شعر جداوي
شعر جيزاني قديم
يحرص أهل منطقة جازان على الاحتفاظ بالقصائد القديمة، حيثُ إنها بمثابة التراث الذي يعتزون ويفتخرون به بين المُدن الأخرى، خاصًة أن مدينة جازان اشتهرت بامتلاكها أفضل الشعراء في المملكة العربية السعودية بل في منطقة الخليج العربي بشكل عام، لذا سنذكر فيمَا يلي أبيات من شعر جيزاني قديم:
- أبيات من قصيدة “غبار الجنوب” للشاعر محمد عطيف:
هب ريحة فل يا غبار الجنوب
وانتثر كاذي على سفح السراة
عطر امساحل بنســـات الغـــروب
وإن غشاك الليل نسنس في نداه
كلمــا نسيت هزيت القلـوب
الهوى المنسي كفـانا الله بلاه
ذوب اللي من غرامــــك ما يذوب
وأسعد اللي ماهني لذة هـواه
عشقتـــه يا ناس ما فيهـا ذنوب
مذنب العشاق من يعشق ســـواه
ابتسم يا فل من كحل الهدوب
وارتسم بسمة على رق الشفاه
زين أعنــاق الصبايا للكعــــوب
كيف ما يحلا مساء وانته مســـاه
فلنا لو مات يهتز الجنـــــــــوب
أما في جيزان ما تبقى حيـاة
يوم موت أمفـــــل لفوني بثوب
عل رب العرش يبعثني معاه
رائحة السحر.
- أبيات من قصيدة “هنا جازان” للشاعرة داليا معافا”:
هنا جازان
وامتزجَت حكاياتٌ
بروحِ الفلِّ والريحان
هُنا للأمسِ أغنيةٌ نرددها
وذاكرةٌ
تُزيّنُ وجهها للآن
هنا جازانُ
نصفُ الأرضِ
تضحيةٌ
ونصفُ ينضم الأبطالَ
صفاً واحداً كالفلِّ تلبسهُ
عروسٌ اسمها جازان
مدينة حالمة.
تعرف أيضًا على: شعر سوداني
شعر جيزاني فصيح
على الرغم من أن الشعر الجيزاني صعب للغاية، ويصعب فهمه نظرًا لأن مدينة جازان تمتلك لهجة مختلفة عن باقي مدن المملكة، ألا أن الشعر الخاص بهم يتسم بالفصاحة والبلاغة؛ مما أدى إلى إقبال العديد من الشعراء على تعليم اللهجة الجيزانية، وتم تداولها بشكل كبير، ويُمكننا أن نذكر من خلال السطور القادمة باقة متميزة من أبيات شعر جيزاني:
- أبيات من قصيدة “إن صَبْيا أَجَلُّ” للشاعر مجدي الشافعي:
إن صَبْيا أَجَلُّ
كالغَيْبِ مِنْ أنْ
تدّعي سِرَّ حُسْنِها الأرقامُ
مَوْطِنَ الفُلِّ
فيْكِ قَدْ حَاْرَ طرْفي
أَلَيَالِيْكِ في الهوى آيامُ
مِلءُ لِبْسِ المُوَلَّبَاتِ بصبيا
عِفَّةٌ مَرْيَمِيَّةٌ وَاحْتِشَامُ
فوقَ هاماتِهِنّ لِلفُّلِّ عندي
عنْ نِظَامِ المَشَالِفِ استفهام
فترى الفُلَّ في عقودٍ تَبَدَّتْ
فوق بعضٍ يزينُها الإنسجامُ
كُلُّ عِقْدٍ على أَخِيْهِ يُرِينا
حَرَماً فِيْهِ وُحِّدَ الإحْرَامُ
فَكَأَنّي أَرَى المُصَلِّيْنَ مِنْها
في صُفُوْفٍ تَقُوْلُ أَيْنَ الإمَامُ
إنّ لِلفُلِّ في المَشَالِيْفِ فنّاً
فِيْهِ تُنْسَى الحُلُوْمُ والأحَلامُ
وَلِرَيَّاْهُ في النُفُوسِ شُؤونٌ
حَاْرَ فِي حَمْدِ فَضْلِها الإلهامُ
كُلَّما فَاحَ عَرْفُهُ وَأَتَتْنا
حَامِلَاتٍ شُؤُونَهُ الأَنْسَامُ
فَبِهِ لِلنُفُوْسِ وَهْوَ حَلَالٌ
مَا بِتِلْكَ الكُؤُوْسِ وَهْيَ حَرَامُ.
- أبيات من قصيدة “ارجع لعقلك” للشاعر عبد الله آل جازان:
دَعِ التَّوَافهَ لِلأنذالِ تَطلُبُهَا
وَارْبَأ بِنفسِك .. أنتَ الحَاذِقُ الفـَهِمُ
لا تَترُكِ النَّفسَ لِلأحزانِ تقتُلُهَا
وارجِع لِعَقلِكَ إن العَقلَ مُحتكَمُ
فالجُرحُ يُؤلمُ وقتَ الطَّعنِ في جَسَدٍ
لكنَّ جُرحَـكَ بِالأيَّامِ يَلتَحمُ
والحُرُّ يَأنَفُ مِن فِعلٍ يُدَنِّسُهُ
والحرُّ يَأبَى إذا مَا الوَغْدُ يَنهَزمُ
واختر خلِيلَكَ مِن قَومٍ لَهُم شَرَفٌ
قومٍ أُبَاةٍ .. إذا مَا خُوصِموا حَلِموا
قَومٍ كِرَامٍ إذا مَا الضَّيفُ يَمَّمَهُم
هُمُ الضُّيوفُ وربُّ البـَيتِ ضَيفُهُمُ
إنَّ الصَّدِيقَ لَيُخفِي عَـيبَ صَـاحِبهِ
يَـدُ الطَّبيبِ وهَذا جِسْمُهُ سَقِـمُ
فَاحْفـَظ صَديقَكَ لا تُنكِر مَوَدتَهُ
الـعُـمْـرُ يَذهَبُ والأيَامُ تَنصَرمُ
والدَّهرُ يَكشِفُ إنْ أُعطِيتَ مُـتَّسَعًا
في العمرِ عَمَّا تُوَاري خَلفَهَا الذِّمَمُ
كَم مِنْ كَذوبٍ إذا مَا جَاءَ يُخبرُنـَـا
أبدَى خِدَاعًا وفِي التَّزييفِ يَنسَجِمُ
إنِّي تَقَلَّبتُ فِي الُّدنيَا أجَرِّبُهَا
فَمَا خَلُصْتُ بِرُكنٍ فيهِ مُلْتَزَمُ
شَمْطَاءُ تَخدَعُ والآمَالُ زينَتُهَـا
فِيهَا الغُرُورُ..وغَطَّى سُمَّهَا الدَّسَمُ.
تعرف أيضًا على: شعر عن الطيب
في الختام، تعرفنا على باقة متميزة من أبيات شعر جيزاني التابع إلى منطقة جازان في المملكة؛ حيثُ إنه من أقدم أنواع الشعر الذي ذاع صيته بشكل كبير في منطقة الخليج العربي وتم تداوله بشكل كبير بين الشعراء، الجدير بالذكر أنه على الرغم من ظهور أنواع شعر متعددة بلهجات مختلفة إلا أن الشعر الجيزاني ما زال مُتمسك بمكانته حتى وقتنا هذا.