التخطي إلى المحتوى

شعر عن شبة النار هو شعر اقترنت فيه العاطفة الشعرية مع بيئة الشاعر وحياته، فالإنسان ابن بيئته، منها يستلهم أفكاره وألفاظه ومصطلحاته، فقد اعتمد الإنسان قديمًا اعتماداً شديداً على النار واحتاج إليها في يومياته، واستخدمها في الطهي والشواء وفي الإنارة والتدفئة وفي العلاج بالكي والاستدلال في الطرقات وإعلان الضيافة واستقبال المسافرين، لذا كان التعبير بالنار وتوقدها ولهيبها وخمودها مستخدم في العديد من الأغراض الشعرية، كالتعبير عن الدفء والحب والشوق والعداوة والكرم والسرعة والبسالة وغير ذلك.

شعر عن شبة النار والبرد، قصيدة عن شبة النار

شعر عن شبة النار

طغت الطبيعة بمصادرها على الشعر العربي فاقتبس منها ألفاظًا عديدة، لذا كثر استخدام الشعراء لألفاظ النار والليل والشمس، وشبة النار هو معنى عبر عنه شعراء العرب بألفاظ عديدة، فيقال شبت النار إذا اشتعلت أو توقدت أو توهجت أو تلظت أو تأججت أو التهبت أو سعرت أو سرت أو جرت، ويقال نشب الحريق إذ شبت النار فصارت حريقًا، وفي مثل تلك المعاني  وردت العديد من أبيات وقصائد شعر عن شبة النار قصير أو طويل منها: 

  • الشاعر الأحوص الأنصاري في قصيدته  (أمن خليدة وهنا شبت النار):

أَمِن خُلَيدَةَ وَهناً شُبَّتِ النارُ .. وَدونَها مِن ظَلامِ اللَيلِ أَستارُ
إِذا خَبَت أُوقِدَت بِالنَدِّ واستَعَرَت .. وَلَم يَكُن عِطرها قُسطٌ وَأَظفارُ
باتَت تُشَبُّ وَبِتنا اللَيلَ نَرقُبُها .. تُعنى قُلوبٌ بِها مَرضى وَأَبصارُ
يا حَبَّذا تِلكَ مِن نارٍ وَموقِدُها .. وَأَهلُنا بِاللوى إِذ نَحنُ أَجوارُ

  • الشاعر أبو وجزة السعدي في قصيدته  (حن الفؤاد إلى سلمى ولم تصب):

يَقصِدنَ سَيِّدَ قيسٍ وَاِبنَ سَيِّدِها ..  وَالفارِسَ العِدَّ مِنها غَيرَ ذي الكَذِبِ
مُحَمَّدٌ وَأَبوه وَاِبنُه صَنَعوا .. لَهُ صَنائِعَ مِن مَجدٍ وَمن حَسَبِ
جَيشُ المُحمّين شَبَّ النارَ تَحتَهُما .. غَرثانَ أَمسى بِوادٍ مُوهب الحَطَبِ

  • الشاعر جميل صدقي الزهاوي في قصيدته  (مَقامك في الزوراء غير حَميدِ):

ولكنَّ قَومي فوضوا الأمر كله .. إلى قدرٍ من ربِّهم وَجدود
وَثاروا بإغراء العَميد فخانهم .. فَكان عَميد القوم غير عَميد
لَقَد خمد الثوار بعد شبوبهم .. وَقَد لا تشب النار بعد خمود

  • يقول ابن هانئ الأندلسي في قصيدته (أصاخت فقالت وقع أجرد شيظم):

أُناسٌ هُمُ الدّاءُ الدّفينُ الذي سَرَى .. إلى رِمَمٍ بالطَّفِّ منكم وأعظُم
هُمُ قَدَحُوا تِلكَ الزّنادَ التي وَرَتْ .. ولو لمْ تُشَبَّ النّارُ لم تَتَضَرّم
وهُم رَشّحُوا تَيْماً لإرْثِ نَبيّهِمْ .. وما كانَ تَيْمِيٌّ إليهِ بمُنتَم

  • يقول ابن الحاج النميري في قصيدته (هجرت فعطف الغصن لم يتأود):

كِرَامُ بَنِي زَيْدِ بْنِ كَهْلاَنَ قَادَةٌ .. طَوَالَعُ أَنْجَادِ الأَصَالَةِ وَالْمَجْدِ
غَدَتْ وَرْدَةً مِثْلَ الدِّهَانِ هِضَابُهُمْ .. لِكَثْرَةِ شَبِّ النَّارِ بِالعَنْبَرِ الوَرْدِ

تعرف أيضًا على: شعر عن الحزن

شعر عن شبة النار والبرد

تعددت الأغراض الشعرية عند الشعراء القدماء والمحدثين ما بين المدح والهجاء والرثاء والغزل والفروسية والبطولات والحروب وغير ذلك، وقد لجأو كثيرًا في كل تلك الأغراض إلى التعبير بأبيات من شعر عن شبة النار وجعلوا النار وصفًا لحالات مختلفة، فتارة تدل على تأجيج الحرب، وتارة تدل على توهج الحب، وتاره تدل على الشجاعة المثالية وغير ذلك من المعاني التي استخدموا النار تعبيرا عنها، وقد أنشد الشعراء القدماء أبيات شعر عن شبة النار قصير كما يأتي:

  • يقول البحتري فينشد في قصيدته (أقصرا ليس شأني الإقصار):

يا خَليلَيَّ نِمتُما عَن مَبيتٍ .. بِتُّهُ آنِفاً وَنَومي مُطارُ
لِسَوارٍ مِنَ الغَمامِ تُزَجّي .. ها جَنوبٌ كَما تُزَجّى العِشارُ
مُثقَلاتٍ تَحِنُّ في زَجَلِ الرَع .. دِ بِشَجوٍ كَما تَحِنُّ الظُؤارُ
باتَ بَرقٌ يُشَبُّ في حَجرَتَيها .. بَعدَ وَهنٍ كَما تُشَبُّ النارُ

  • يقول الأبيوردي في قصيدته (سواي يجر هفوته التظني): 

وَأَسْطو سَطْوَةَ الأَسَدِ المُحامِي .. وَتَنْفِرُ نَفْرَةَ الرَّشَأِ الأَغَنِّ
وَحَوْلَ خِبائِها أَشْلاءُ قَتْلى .. رَفَعْنَ عَقِيرَةَ الطَّيْرِ المُرِنِّ
كَأَنِّي خَائِضٌ مِنْها غَدِيراً .. يَشُبُّ النّارَ فيهِ خَبيءُ جَفْنِ
إِذا غَدَرَ السِّنانُ وَفَى بِضَرْبٍ .. هَزَزْتُ لَهُ شَباهُ فَلَمْ يَخُنِّي

  • يقول ابن حمديس الصقلي في قصيدته (عسى للصبا علم برسم المعالم):

وكم غادةٍ زارَتْ على خوفِ رِقْبَةٍ .. ولم يَثْنِها عن زورتي لومُ لائمِ
فباتَ يَشُبّ النارَ في القلب حُبُّها .. على أنّها كالماء في فم صائم

  • يقول ابن سهل الأندلسي في قصيدته (أرقت لبرق بالحمى يتألق):

رَعى اللَهُ عَهداً لِلصِبا لَيسَ يُرتَجى .. وَأَخبارُهُ مَتلُوَّةٌ تُتَشَوَّقُ
وَأَرضاً يَكادُ اللَيلُ في عَرَصاتِها .. لِشِدَّةِ ما قَد ضاوَعَ المِسكُ يَعبَقُ
سَقاها سَحابٌ مِثلُ دَمعي وَميضُهُ .. كَقَلبي تَشُبُّ النارُ فيهِ وَيَخفِقُ

  • يقول طلائع بن رزيك في قصيدته (وإذا تشب النار بين أضالعي):

وإذا تشب النار بين أضالعي .. قابلتها من عبرتي بسيول
فانا الحريق بل الغريق أموت في .. هذا وذا كذبالة القنديل

  • يقول جرير في قصيدته (غدا باجتماع الحي نقضي لبانة):

أَقولُ لَهُ يا عَبدَ قَيسٍ صَبابَةً .. بِأَيٍّ تَرى مُستَوقِدَ النارِ أَوقَدا
فَقالَ أَرى ناراً يُشَبُّ وَقودُها .. بِحَيثُ اِستَفاضَ الجِزعُ شيحاً وَغَرقَدا

تعرف أيضًا على: شعر جداوي

شعر عن شبة النار فصحى

اتسم الشعر العربي قديمًا باتباع اللغة الفصحى وبحورها في الشعر العربي، وجاءت التعبيرات عن شبة النار باللغة الفصحى خلابة ساحرة، لأن اللغة الفصيحة لها بهاءً وجمالاً يضفي على المعاني رونقًا وجاذبية، فيجعل المعاني رنانة وأكثر وقارًا وأفضل سجعًا وأرقى تعبيراً.

قد ظل الشعر العربي محتفظًا بفصاحته في تعبيره على النار على مر العصور القديمة، وذلك قبل أن يقل انتهاج العربية الفصحى ويميل الشعراء إلى مسايرة لغة الحياة المعاصرة في هذا العصر الحالي عن طريق الشعر الأقرب إلى العامية الذي أفقد الكلمات جمالها، ومن أبرز ما قيل من شعر بالفصحى عن شبة النار ما يأتي:

  • الشاعر حنا الأسعد في قصيدته (حفظ المساحل):

حفظ المساحلِ شيمة الأبرار .. وَالهذر فيها عادة الأشرار
فالشرُّ من رخي العنان لِمسرَدٍ .. قَدحُ اللسانِ بِهِ شُبوبُ النارِ

  • الشاعر عبد الحميد الرافعي في قصيدته (ما للمحاجر مغراة بتسجام):

ما للأفاعي لدى ذكراه تخضع لي .. ولو أردت جعلت الأسد خدامي
ما تجسر النار تسطو باللهيب على .. مريده أفكانت ذات إفهام

  • يقول ابن الدمينة  في قصيدته (ألا يا سلم عوجى تخبرينا):

وَجِئنا فِى مُقَدَّمَةٍ طَحُونٍ .. لها زَجَلٌ يُصِمُّ السّامِعِينَأ
كأَنَّ هَرِيرَ حَملَتِنا عَلَيهِم .. هَرِيرُ النّارِ أَشعَلَت العَرِينَا
تَطَايَحُ هامُهُم بالبِيضِ شَتَّى .. وُنتبِعُهُنَّ حَتَّى يَنثَنِينَا

  • يقول العديل بن الفرخ العجلي في قصيدته (ما أوقد الناس من نار لمكرمة):

ما أوقد الناس من نار لمكرمة .. الا اصطلينا وكنا موقدي النار
وما يعدون من يوم سمعت به .. للناس أفضل من يوم

  • يقول زبان بن سيار الفزاري في قصيدته (أبي حامل الألف التي جر حارث): 

وَلَسنا كَقَومٍ مُحدِثينَ سِيادَةً .. يُرى مالُها وَلا يُحَسُّ فَعالُها
مَساعيهُمُ مَقصورَةٌ في بُيوتِهِم .. وَمَسعاتُنا ذُبيانُ طُرّاً عِيالُها
يُريغونَ في الخِصبِ الأُمورَ وَنَفعُهُم .. قَليلٌ إِذا الأَموالُ طالَ هُزالُها
وَقُلنا بِلا عِيٍّ وَسُسنا بِطاقَةٍ .. إِذا النارُ نارُ الحَربِ طالَ اِشتِعالُها

قصيده عن شبة النار

أنشد العديد من الشعراء قصائد تعدد فيها ذكرهم لأبيات شعر عن شبة النار، ومنهم شكيب أرسلان وجميل صدقي الزهاوي الذين أنشدو أشعارًا عن الوعظ والإيمان والموت والشجاعة وحوادث الدهر، فجائت أشعارهم معبرةً زاجرةً، ومن تلك الأبيات الشعرية ما يأتي.

  • يقول شكيب أرسلان في قصيدته (أرى جملة):

أَرى جُملَةً في صَفحَةِ الكَونِ لا تُقرا .. وَعاطِفَةً في النَفسِ تَدري وَلا تُدرى
وَناراً بِأَحناءِ الأَضالِعِ كُلَّما .. تَخَلَّلَها بَردُ اليَقينِ ذَكَت جَمرا
هِيَ النارُ في الأَحشاءِ لَكِنَّها هُدى .. لِمَن كانَ لا يَرضى بِإيمانِهِ الكُفرا
عَلى ضَوئِها سارَ الأَئِمَةِ قَبلَنا .. وَهَزّوا عَلى الأَملاكِ أَلوِيَةً حَمرا
وَكَم شاهَدوها بِالحِجازِ وَنورُها .. يَضيءُ بِأَعناقِ الأَيانِقِ مِن بُصرى
وَلَولا سَناها ما دَرى ذو بَصيرَةٍ .. أَقلَبا حَوى بَينَ الجَوانِحِ أَم صَخرا

  • يقول الشاعر جميل صدقي الزهاوي:
    • في قصيدة (أموت بعيدًا عن دياري):

مشيتَ حثيثاً في شبابك للردى .. فَيا أَيُّها الماشي حثيثاً عَلى مهل
برغم حنان أَهلك الدهر نجلها .. وأَبكى حناناً من حنان عَلى النجل
وأما جنان فَهي عند سماعها .. حَديث وَفاة البعل ناحَت عَلى البعل
وَشب الأسى في قَلبها متسرِّعاً .. إليه شبوب النار في الحطب الجزل

    • في قصيدة (هلعت قلوب القوم في اليابانِ):

أَرأَيتما يا أَيُّها القمران .. في الحادِثات كنكبة اليابان
أَخذت تصب بها الطَبيعة غيظها .. وَتَثور حانقة عَلى الإنسان
وَالماء أَغرق من نجوا بفرارهم .. من تلكم النيران في البلدان
عصفت بهم في اللَيل عاصفة الردى .. فَبَدا الحَريق بجانِب الطوفان
إن صُدَّ عَن بحر فنار قد بَدَت .. أَو صد عَن نار فَلُجٌّ داني
النار تدفعهم إلى أَمواجه .. وَالموج يقذفهم إلى النيران
الماء وَالنيران قَد فَتكا بهم .. وَالماء وَالنيران يستبقان
النار تَشوي وَجههم بشواظها .. وَالماء يغرقهم بلا تحنان
أَرأَيتما يا أَيُّها القمران .. في الحادِثات كنكبة اليابان

    • في قصيدة (الموت إذ وطن الأبي مهدد):

أفديك من بطل هوى عَن طرفه .. وَالسَيف في يده تشدّ به اليَد
شبت من الجيشين حرب نارها .. تَشوي الوجوه فَلَم يرعك المشهد
إذ كانت الأعداء تسعر نارها .. وَالنار منك قَريبة لا تبعد

تعرف أيضًا على: ابيات شعر عن البحر

شعر عن شبة النار تويتر

الأبيات الشعرية هي أفضل الألفاظ الثاقبة الفصيحة التي يُعبر بها الإنسان عن هويته ومشاعره، والعديد من أبيات شعر عن شبة النار يمكن استخدامها على مواقع التواصل الاجتماعي لتكون مما قل فأوجز ودل فكان حكمةً وموعظةً أو غزلًا وفخرًا وغير ذلك، ومنها ما يأتي:

  • يقول جميل صدقي الزهاوي في قصيدته (لا تتركنَّ الشرور تَنمو):

لا تتركنَّ الشرور تَنمو .. فأَول النار من شرارِ
إنَّ لجهل النفوس شراً .. حذار من جهلها حذار

  • يقول عبد الغفار الأخرس في قصيدته (إلى العز خوري يا نياقي وأنجدي):

ذكرتك يا ظمياءُ والنار في الحشا .. ولولاك تلك النار لم تتوقَّد
وإنِّي إذا مضَّت بقلبي مضاضةٌ .. من الوجد داريتُ الأسى بالتجلُّد

  • يقول جميل صدقي الزهاوي في قصيدته (العلم ثروة):

إِن التوقف في زَمان حازم .. فيه تقدمت الشعوب لعار
لا نجح إلا وَالمشقة أمُّه .. كالنور يظهر حيث تَذكو النار

  • يقول حاتم الطائي (هل الدهر إلا اليوم أو أمس أو غد):

إِذا ما البَخيلُ الخَبَّ أَخمَدَ نارَهُ .. أَقولُ لِمَن يُصلى بِنارِيَ أَوقِدوا
تَوَسَّع قَليلاً أَو يَكُن ثَمَّ حَسبُنا .. وَموقِدُها الباري أَعَفُّ وَأَحمَدُ

  • يقول جميل الزهاوي في قصيدته (إن العدالة ويك اليوم في الطلب):

العدل في الناس برد الصبح ينفحها .. والظلم في الناس مثل النار في الحطب

  • يقول ابن زمرك الأندلسي في قصيدته (أرفعوا للأنس ريا):

قال لي فيه البرد يخدر .. يحتج الإنسان لمجمر
اشعل النار يا مقابل .. فالكيوس من خمران أحمر
هذا هو ليل الليالي .. بالغنا والفرح يسهر

  • يقول أبو منصور الثعالبي في قصيدته (أما ترى):

أما ترى الدهرَ وأيَّامَهُ .. في العمرِ مثلَ النارِ في الشيحِ
يمرُّ كالريحِ وما في يدي .. من مَرِّهِ شيءٌ سوى الريحِ

  • يقول أيضًا جميل الزهاوي في قصيدته (أَنتَ في العلم بالَّذي سوف يأَتي):

إن تحت الرماد ناراً لو اَنَّ ال .. ساسة اليوم فتشوا في الرماد
توشك النار أَن تَثور بأَيدٍ .. آثماتٍ يعملن للإيقاد
فإذا شبت الملوك لظاها .. أَكلتهم لَمَّاً مع الأجناد

  • يقول البرعي في قصيدته (أفق هديت من التبريح والكمد):

حَتّى إِذا نشر الاموات يوم غد .. وكل نفس رأت ما قدمت لغد
والحق يحكم الاعضاء شاهدة .. وَالنار تؤصد للطاغين في عمد

تعرف أيضًا على: شعر صباح الخير

أخيراً لم يقتصر إنشاد وتدوين شعر عن شبة النار أو استخدام هذا التعبير في الحكم والأمثال على العصور القديمة فقط، بل وصل هذا التعبير إلى العصور الحديثة، فاستخدم في التعبيرات الإنشائية النثرية والشعرية، وإن دل ذلك على شيء فإنه يدل على أن النار ظلت بمكانة هامة في حياة كل الشعوب قديمًا وحديثًا.